غوغل يختزل ذاكرتي. مذ أعطيته الحق بتخزين ذاكرتي وذكرياتي وهو لا يكف عن التلويح بها في كل مناسبة
“هل تذكرين هذه الصورة منذ ست سنوات؟”
.. لم أنسها يا غوغل
هي الصورة الاخيرة التي التقطتها لدمشق. وكنت أعلم أنها الصورة الأخيرة. كانت صباح اليوم التالي لزفافي وكان زفافي تمهيداً للوداع. كانت تمطر بخفة كي لا توقظنا. كانت دمشق مازالت نائمة. كم بدت بسلام في تلك اللحظة. كأن الحرب لم تكن يوماً. كأن ذلك الجبل لم يعرف صواريخاً وكأن شوراعها لم تعرف حواجزاً عسكرية
لم تكن الصورة مثالية لكن دمشق كانت فأردتها أن تكون الأخيرة
أنا اليوم في إيرلندا ياغوغل كما تعلم. العشب أكثر اخضراراً والسماء لا تمطر صواريخاً ولا براميلاً متفجرة. وجوه الناس مختلفة. أكثرُ فرحاً وأقل تحديقاً. الأصدقاء نادرون. البيوت الموحشةُ أكثر دفئاً والكهرباء لا تنقطع .الانترنت أسرع وأكثر حرية مما كنت أحلم. مذياع السيارة لا يتكلم لغتي. الكوسا أكبر ورغيفُ الخبزِ أصغر
يسألني الأصدقاء والغرباء هنا إذا كنت أنوي العودة يوماً ما. كيف أعود؟
تلك الدمشق باتت مكاناً في الذاكرة. لأعود إليها أحتاج لآلة الزمن الجميل. دمشق ماعادت دمشق. ضحكات أصدقائي هاجرت. جمعات أهلي تشردت. والحارات والرحلات والفرحات والخيبات كلها تغيرت. ضاعت دمشقي في مكان و زمان مواز. لم يبق منها سوى هذه الصورة و تنبيهات غوغل الذي يتبجح باختراق خصوصيتي كل ماسنحت له الفرصة
#ذاكر_ياترى